للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للحنابلة بالقاهرة، وحبس بعضهم، وأخذ خطوط بعضهم بالرجوع. وكان قاضيهم الحَرَّاني قليل العلم.

ثمَّ في سلخ رمضان سنة ست: أحضر سلار ــ نائب السلطان بمصر ــ القضاة والفقهاء، وتكلم في إخراج الشَّيخ، فاتفقوا على أنَّه يشترط عليه أمور، ويلزم بالرجوع عن بعض العقيدة، فأرسلوا إليه من يحضره، وليتكلموا معه في ذلك، فلم يجب إلى الحضور، وتكرر الرسول إليه في ذلك ست مرات، وصمم على عدم الحضور، فطال عليهم المجلس، فانصرفوا من غير شيء.

ثمَّ في آخر هذه السنة وصل كتاب إلى نائب السلطنة بدمشق من الشَّيخ، فأخبر بذلك جماعة ممن حضر مجلسه، وأثنى عليه، وقال: ما رأيت مثله، ولا أشجع منه. وذكر ما هو عليه في السجن من التوجه إلى الله تعالى، وأنَّه لا يقبل شيئًا من الكسوة السلطانية، ولا من الإدرار السلطاني، ولا تدنس بشيءٍ من ذلك.

ثمَّ في ربيع الأوَّل من سنة سبع وسبعمائة دخل مهنا بن عيسى أمير العرب إلى مصر، وحضر بنفسه إلى السجن، وأخْرَجَ الشَّيخ منه، بعد أن استأذن في ذلك، وعُقد للشيخ مجالس حضرها أكابر الفقهاء، وانفصلت على خير.

وذكر الذَّهبيّ والبرزالي وغيرهما: أنَّ الشَّيخ كتب لهم بخطه مجملًا من القول وألفاظًا فيها بعض ما فيها، لما خاف وهُدِّد بالقتل، ثمَّ أُطلق وامتنع عن المجيء إلى دمشق. وأقام بالقاهرة يقرئ العلم، ويتكلم في الجوامع والمجالس العامة ويجتمع عليه خلق.

ثمَّ في شوال من السنة المذكورة: اجتمع جماعة كثيرة من الصوفية، وشكوا من الشَّيخ إلى الحاكم الشَّافعيّ، وعقد له مجلس لكلامه في

<<  <   >  >>