للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن عربي وغيره، وادعى عليه ابن عطاء بأشياء، ولم يُثبِت منها شيئًا، لكنه اعترف أنَّه قال: لا يستغاث بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، استغاثة بمعنى العبادة، ولكن يتوسل به، فبعض الحاضرين قال: ليس في هذا شيء.

ورأى الحاكم ابن جماعة: أنَّ هذا إساءة أدب، وعنَّفه على ذلك، فحضرت رسالة إلى القاضي: أن يعمل معه ما تقتضيه الشريعة في ذلك، فقال القاضي: قد قلت له ما يقال لمثله.

ثمَّ إنَّ الدولة خيروه بين أشياء، وهي الإقامة بدمشق، أو بالإسكندرية، بشروط، أو الحبس، فاختار الحبس. فدخل عليه أصحابه في السفر إلى دمشق، ملتزمًا ما شرط عليه، فأجابهم، فأركبوا خيل البريد، ثمَّ ردوه في الغد، وحضر عند القاضي بحضور جماعة من الفقهاء، فقال له بعضهم: ما ترضى الدولة إلَّا بالحبس. فقال القاضي: وفيه مصلحة له، واستناب التونسي المالكي وأذن له أن يحكم عليه بالحبس، فامتنع، وقال: ما ثبت عليه شيءٌ، فأذن لنور الدِّين الزواوي المالكي، فتحير، فقال الشَّيخ: أنا أمضي إلى الحبس، وأتبع ما تقتضيه المصلحة، فقال الزواوي المذكور: فيكون في موضع يصلح لمثله، فقيل له: ما ترضى الدولة إلَّا بمسمى الحبس، فأرسل إلى حبس القاضي وأجلس في الموضع الَّذي أجلس فيه القاضي تقي الدِّين ابن بنت الأعز لما حبس، وأذن أن يكون عنده من يخدمه. وكان جميع ذلك بإشارة نصر المنبجيّ.

واستمر الشَّيخ في الحبس يستفتى ويقصده الناس، ويزورونه، وتأتيه الفتاوي المشكلة من الأمراء وأعيان الناس.

وكان أصحابه يدخلون إليه أولًا سرًّا، ثمَّ شرعوا يتظاهرون بالدخول

<<  <   >  >>