للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عزّ الدِّين أيبك الحمويّ نائب دمشق وكلّماه في أمر النصرانيّ الَّذي سبّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، فأجابهُما إلى إحضاره، وخرج الناس. فرأوا ابن أحمد بن حجّي الَّذي أجار النصرانيّ، فكلّموه في أمره، وكان معه رجل من العرب، فقال للناس عن النصرانيّ: إنَّه خيرٌ منكم! فرجموه بالحجارة. وهرب عسّاف. فأحضر النائب لمّا بلغه ذلك، ابن تَيْمِيَّة والفارفاني وأخرق بهما، وأمر بهما فضُربا، وحُبسا في العذراويّة، وضَرَبَ عدّةً من العامّة وحبس منهم ستة نفر، وضرب والي البلد جماعةً وعلّقهم. وسعى النائب في إثبات العداوة بين النصرانيّ وبين مَن شهد عليه، ليخلّصه. فخاف النصرانيّ عاقِبَة هذه الفتنة وأسلم. فعقد النائب عنده مجلسًا حضره قاضي القضاة وجماعة من الشافعيّة، وأفتوا بحَقْنِ دم النصرانيّ، بعد الإسلام. وطلب الفارقانيّ فوافقهم، وطَلب ابنَ تَيْمِيَّة وطيّب خاطره وأطلقه.

وفي يوم الأربعاء سابع عشر شعبان سنة خمس وتسعين، درّس ابن تَيْمِيَّة بالمدرسة الحنبليّة عوضًا عن زين الدِّين ابن المنجَّى. وفي شهر ربيع الأوّل سنة ثمان وتسعين، قام جماعة من الشافعيّة عليه، لكلامه في الصفات. ووقعت بأيديهم فُتْياه الحمويّة، فردّوا عليه وانتصبوا لعناده. ووافقهم القاضي جلال الدِّين الحنفيّ. وأمر بإطلاق النداء على إبطال العقيدة الحمويّة، فُنودي بذلك. فانتصر له الأمير سيف الدِّين جاغان المشدّ، وطلب الَّذين قاموا عليه، وضرب المنادي، وجماعة ممّن كانوا معه. وفي يوم الجمعة ثالث عشره، جلس على عادته وتكلّم على قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤]. وحضر عنده من الغد قاضي القضاة إمام الدِّين القزوينيّ، وقُرئت العقيدة الحمويّة بحضور جماعة، وحُوقِقَ على ما فيها

<<  <   >  >>