للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي محرّم سنة خمس وسبعمائة توجّه مع الأفرم إلى جبل كسروان وغزا أهله وشدّ في وسطه السيف والتركاش وأفتى بقتالهم، وعاد وقد انتصر عليهم.

وفي جمادى الأولى اجتمع عند الأفرم جماعة من الفقراء الأحمديّة الرّفاعيّة، وحضر ابنُ تَيْمِيَّة. وأراد الفقراءُ إظهار شيءٍ من أحوالهم. فقال: لا يسع أحدًا الخروج عن الشريعة بقول ولا فعل. (وقال) هذه حِيَل يتحيّلون بها في دخول النار وإخراج الزبَد من الحلق. ومَن أراد دخول النار فليغسل جسدَه في الحمّام ثمَّ يدلكه بالخلّ وبعد ذلك يدخل النار. ولو دخل لا يلتفت إلى ذلك، بل هو نوع من فعل الدجّال عندنا. وكان جمعًا كبيرًا. فقال الشَّيخ الصالح شيخ المنيبع: نحن أحوالُنا تنفقُ عند التَّتار، وما تنفق عند أهل الشرع.

وانفصل المجلس على أنَّهم يخلعون أطواقَ الحديد، وأنّ مَن خرج عن الكتاب والسنّة تضرب رقَبَتُه. وكتب ابن تَيْمِيَّة عُقَيب هذه الواقعة جزءًا في حال الأحمديّة ومبدأ أمرهم وأصل طريقتهم، وما فيهم من الخير والشرّ.

وكان قد ظهر الشَّيخ نصر الدِّين المنبجيّ بمصر، واستولى على أرباب الدولة حتَّى شاع أمره. فقيل لابن تَيْمِيَّة: إنَّه اتّحاديّ وإنَّه ينصر مذهب ابن العربيّ وابن سبعين. فكتب إليه نحو ثلاثمائة سطر ينكر عليه. فتكلّم نصر المنبجيّ مع قضاة مصر في أمره، وقال: هذا مبتدعٌ، وأخاف على الناس من شَرّه! فحسّن القضاة للأمراء طلبه إلى القاهرة وأن يعقد له مجلس بدمشق. فلمّا كَانَ في يوم الاثنين ثامن شهر رجب، طُلب ابن تَيْمِيَّة والفقهاء إلى القصر الأبلق عند الأفرم. وسأله عن العقيدة فأحضر عقيدته الواسطيّة وقرئت في

<<  <   >  >>