للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكثر المتعصّبون على ابن تَيْمِيَّة بالقاهرة، وأوذيَ الحنابلةُ، وحبس تقيّ الدِّين عبد الغنيّ ابن الشَّيخ شرف الدِّين الحنبليّ. وأُلزِم سائر الحنابلة بالرجوع عن عقيدة ابن تَيْمِيَّة، وشُنّع عليه. وأشار القضاة على رفيقهم قاضي القضاة شرف الدِّين أبي محمد عبد الغني بن يحيى بن محمد الحَرَّاني بموافقة الجماعة، فوافق وأُلزم جماعة من أهل مذهبه بذلك وأخذ خطّهم. ومرّ على الحنابلة ما لم يجر عليهم مثله. وكان ذلك كلّه بقيام الأمير ركن الدِّين بيبرس الجاشِنكير، تعصُّبًا للشيخ نصر المنبجيّ.

وفي أوائل شهر ربيع الأوّل سنة ستّ وسبعمائة، اعتُقِل شرفُ الدِّين محمد بن بُخيخ الحَرَّاني، أحد أصحاب ابن تَيْمِيَّة، بقلعة الجبل، بعد أن اجتمع بالأمير سلار والأمير بيبرس وتكلّم عندهما كلامًا طويلًا. واستمرّ في الحبس إلى سادس شعبان فأطلقه الأمير سلار.

وفي سلخ شهر رمضان جمع الأمير سلار القضاة، ما خلا الحنبليّ، والجزريّ، والنمراوي، وتكلّم في إخراج ابن تَيْمِيَّة. فقال الفقهاء والقضاة: بشرط أنْ يلتزم أمورًا، منها الرجوع عن بعض العقيدة.

وبعثوا إليه ليحضر فلم يوافق على الحضور، وتكرّر إليه الرسول مرّاتٍ، وهو مصمّم على عدم الحضور، فانصرفوا من غير شيءٍ.

فلمّا كَانَ في ثامن عشري ذي الحجّة منها، ورد كتاب ابن تَيْمِيَّة من الجبّ على الأفرم يخبره بحاله. فأثنى الأفرم على علمه وشجاعته وقال: إنَّه ما قبل شيئًا من الكسوة السلطانية ولا من الأمراء، ولم يأخذ شيئًا، قلّ ولا جلّ.

<<  <   >  >>