لم يَمِلْ به حُبُّ الشهوات، ولا حُبِّبَ إليه من ثلاثِ الدنيا غير الصلاة.
ولقد نافستْ ملوك جَنكِزْ خان عليه، ووَجَّهَت دسائِسَ رُسُلِها إليه، وبعثَتْ تجدُّ في طلبهِ، فنُوسِيَتْ عليه لأمورٍ أعظمُها خوفُ توثُّبِه، وما زال على هذا ومثلِه إلى أنْ صَرعَه أجلُه، وأتاهُ بَشِيْرُ الجَنَّةِ يَستعجلُه، فانتقل إلى اللهِ والظنُّ به أنَّه لا يُخجِلُه.
(قال) وحكيَ عن شجاعتِه في مواقف الحرب نوبةَ شَقْحب، ونوبة كسروان، ما لم يسمع إلَّا عن صناديد الرجال، وأبطال اللقاء، وأحلاس الحرب، تارةً يباشر القتال وتارة يحرّض عليه.
(قال) وكان يجيئه من المالِ في كلّ سنة ما لا يكاد يُحصَى فينفقه جميعَه آلافًا ومئين، لا يلمس منه درهمًا ولا ينفقه في حاجةٍ له. وكان يعود المرضى، ويشيّع الجنائز، ويقوم بحقوق النَّاس، ويتألّف القلوب، ولا ينسب إلى باحث لديه مذهبًا، ولا يحفظ لمتكلّم عنده زلّة، ولا يَتَشَهَّى طعامًا ولا يمتنع عن شيءٍ منه، بل هو مع ما حضر لا يتجهّم مرآه، ولا يتكدّر صفوُه ولا يسأم عفوه، (قال) ورُئِيَتْ له منامات صالحة.
ورثاه جماعات من النَّاس بالشام ومصر والعراق والحجاز والعرب من آل فضل.
(قال) ورثيتُه بقصيدة لي، وهي:
أهكذا بالدياجي يُحجب القمر ... ويُحبس النوءُ حتى يذهبَ المطرُ؟
أهكذا تُمنع الشمسُ المنيرة عن ... منافع الأرض أحيانًا فتستَتِرُ؟