للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثمَّ وصل بريدي في أواخر شعبان بعوده، ثمَّ وصل بريدي في خامس رمضان بطلب القاضي والشَّيخ وأن يرسلوا بصورة ما جرى للشّيخ في سنة (٦٩٨). ثمَّ وصل مملوك النائب وأخبر أنَّ الجاشنكير والقاضي المالكي قد قاما في الإنكار على الشَّيخ، وأن الأمر اشتدّ بمصر على الحنابلة حتَّى صفع بعضهم.

ثمَّ توجّه القاضي والشَّيخ إلى القاهرة ومعهما جماعة فوصلا في العشر الأخير من رمضان، وعقد مجلس في ثالث عشريْهِ بعد صلاة الجمعة، فادُّعِيَ على ابن تَيْمِيَّة عند المالكي فقال: هذا عدوِّي ولم يُجب عن الدَّعوى، فكرّر عليه فأصر فحكم المالكي بحبسه، فأُقيم من المجلس وحبس في برج، ثمَّ بلغ المالكي أنَّ النَّاس يترددون إليه فقال: يجب التَّضييق عليه إن لم يُقتل وإلا فقد ثبت كفره، فنقلوه ليلة عيد الفطر إلى الجبِّ، وعاد القاضي الشَّافعيّ إلى ولايته ونُودي بدمشق: من اعتقد عقيدة ابن تَيْمِيَّة حلّ دمه وماله خصوصًا الحنابلة، فنودي بذلك وقرئ المرسوم وقرأها ابن الشِّهاب محمود في الجامع، ثمَّ جمعوا الحنابلة من الصّالحية وغيرها وأشهدوا على أنفسهم أنهم على معتقد الإمام الشَّافعيّ، وذكر ولد الشَّيخ جمال الدِّين ابن الظاهري في كتاب كتبه لبعض معارفه بدمشق أن جميع من بمصر من القضاة والشُّيوخ والفقراء والعلماء والخواص يحطّون على ابن تَيْمِيَّة، إلَّا الحنفي فإنه يتعصّب له، وإلّا الشَّافعيّ فإنه ساكت عنه.

وكان من أعظم القائمين عليه الشَّيخ نصر المنبجي لأنه كَانَ بلغ ابن تَيْمِيَّة أنَّه يتعصب لابن العربي فكتب إليه كتابًا يُعاتبه على ذلك، فما أعجبه لكونه بالغ في الحطِّ على ابن العربي وتكفيره، فصار هو يحطّ على ابن تَيْمِيَّة

<<  <   >  >>