للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يَعْلَم أكثرُ النَّاس مَرضه. وتوفي سحر ليلة الاثنين العشرين من ذي القَعْدة سنة ثمانٍ وعشرين وسَبْعِمائة. وذكره مؤذن القَلْعَة على منارة الجامع، وتكلّم به الحَرَسُ واجتمَع النَّاسُ، ولم تفتح الأسواق المعتادة بالفتح أول النهار، واجتمع عنده خلق يبكون ويثنون خيرًا، وأخبرهم أخوه زين الدِّين عبد الرَّحمن أنهما ختما في القَلْعة ثمانين ختمةً، والحادية والثَّمانين انتهيا فيها إلى قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: ٥٤ - ٥٥].

وابتدأ عنده جماعة في القراءة من سورة الرَّحمن إلى ختمه. ولم يُفرغ من غَسله حتَّى امتلأ أكثر القلعة بالرجال فصَلَّى عليه بدَركاتِها الشَّيخُ الزَّاهدُ محمد بن تَمَّامٍ، وضجَّ الناسُ، ثمَّ خرجوا به إلي جامع دمشق، وكثر الجَمْع حتَّى يقال: إنَّه فاق جميع الجُمَع، ثمَّ وضع عند موضع الجنائز حتَّى صلِّيَتِ الظهرُ، ثمَّ صلى عليه نائب الخطيب علاء الدِّين الخَراَّط لغيبة القَزْوِيْني، ثمَّ خرجوا به من باب الفرج، وكثر الزِّحام وخرج الناس من غالب أبواب البلد، ثمَّ صلَّى عليه أخوه زين الدِّين عبد الرَّحمن بسوق الخَيْل، ودفن وقت صلاة العصر بالصُّوفية إلى جانب أخيه شرف الدين. وحُزِرَ الرِّجال بستين ألفًا وأكثر، والنِّساء بخمسةَ عشرَ ألفًا، وظهرَ بذلك قَولُ الإمام (١): بينَنا وبينَهم الجنائز. وختم له ختمات كثيرة، وتردد النَّاسُ إلى قَبره، ورُئِيَتْ له منامات (٢) حسنة، وتأسف النَّاسُ لفقده - رضي الله عنه -.

* * * *


(١) أي: الإمام أحمد.
(٢) في المطبوعة «مقامات»!

<<  <   >  >>