للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثانيها: أنَّ العقل هل يجوِّز كون مثل هذا الكلام حقيقةً أو يوجب حملَه على المجاز؟ والحق في هذا المقام أنَّ العقل يوجب أنَّه ليس على ظاهره في نفس الأمر.

وثالثها: أنَّه هل يجب تأويله أو يجوز وقفُه على ظاهرهِ من غير تعيين المراد؟ والحق فيه أنَّه لم يثبت في حديث صحيح أو ضعيف أّنَّه يجب تأويله ولا أنَّه لا يجوز استعمال مثل تلك العبارات من الأمة.

أخبرني أبو طاهر عن أبيه أنَّه قال: قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: لم ينقل عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن الصَّحابة من طريقٍ صحيح التصريح بوجوب تأويل شيء من ذلك يعني المتشابهات ولا المنع من ذكره، ومن المحال أن يأمر الله نبيه بتبليغ ما أنزل إليه من ربّه وينزل عليه {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣] ثمَّ يترك هذا الباب، فلا يميز ما يجوز نسبته إليه تعالى مما لا يجوز، مع حثّه على تبليغ الشاهد الغائب، حتَّى نقلوا أقواله وأفعاله وأحواله وما فعل بحضرته، فدلّ على أنهم اتفقوا على الإيمان بها على الوجه الَّذي أراده الله تعالى منها وأوجب تنزيهه عن مشابهة المخلوقات بقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١]، فمن أوجب خلاف ذلك بعدهم، فقد خالف سبيلهم، انتهى.

وهذا الَّذي حقّقناه هو مذهب الشَّيخ أبي الحسن الأشعري. أقرأني أبو طاهر المدني - رضي الله عنه - بخط أبيه أنَّ الشَّيخ أبا الحسن قال في كتابه: «إني على مذهب أحمد في مسألة الصفات وأن الله فوق العرش» وكلام ابن تَيْمِيَّة محمول على المقام الأوَّل والثالث، وإذا رجعنا إلى الوجدان فلا شك أنَّ لله

<<  <   >  >>