للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يطلق لسانه بما اتفق بل يحتج بالقرآن والحديث والقياس، ويبرهن ويناظر أُسوة مَنْ تقدمه من الأئمة، فله أجر على خطئه، وأجران على إصابته. انتهى.

قال الشوكاني: ومع هذا، فقد وقع له مع أهل عصره قلاقل وزلازل، وامتحن مرة بعد أخرى، وحبس حبسًا بعد حبس، وجرت فتن عديدة. والناس قسمان في شأنه: فبعض منهم مقصر به عن المقدار الَّذي يستحقه بل يرميه بالعظائم، وبعض آخر يبالغ في وصفه ويجاوز به الحد ويتعصب له كما يتعصب أهل القسم الأوّل عليه. وهذه قاعدة مطَّردة في كل عالم يتبحر في المعارف العلمية ويفوق أهل عصره ويدين بالكتاب والسنة، فإنه لا بد أن يستنكره المقصِّرون، ويقع له معهم محنة [بعد محنة]. ثمَّ يكون أمره الأعلى وقوله الأوْلى، ويصير له بتلك الزلازل لسان صدق في الآخرين. ويكون لعلمه حظ لا يكون لغيره، وهكذا كان حل هذا الامام، فإنه بعد موته عرف النَّاس مقداره، واتفقت الألسن بالثناء عليه إلَّا من لا يعتد به، وطارت مصنفاته واشتهرت مقالاته، انتهى.

وقد ترجم له جماعة منهم: شهاب [الدين] بن فضل الله العمري في «مسالك الأبصار» وكتب ترجمة حسنة طويلة عريضة كاملة، ومنهم العلَّامة ابن رجب الحنبلي في «طبقاته» وأثنى عليه ثناءً كثيرًا، ومنهم ابن شاكر صاحب «فوات الوفيات»، ومنهم الشَّيخ مرعي وسماها «الكواكب الدرية في مناقب شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَّة»، ومنهم الحافظ ابن عبد الهادي ترجم له في مجلد مفرد، ومنهم أبو حفص عمر بن عليّ البزار البغدادي كتب كراريس في ترجمته، ومنهم العلَّامة صفي الدِّين أحمد البخاريّ نزيل نابلس وسماها «القول الجلي»، وقرظ عليه العلَّامة مفتي القدس محمد التافلاتي، ومحدّث

<<  <   >  >>