للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«التتر» والبغي في خيلائهم، وظُنت بالله الظنون، وزلزل المؤمنون، واشْرَأبَّ النفاق وأبدى صفحته. ومحاسنه كثيرة، وهو أكبر من أن ينبه على سيرته مثلي، فلو حلفت بين الركن والمقام [وبالطلاق ألف طلقة] (١) أني ما رأيت بعيني مثله، وأنَّه ما رأى مثل نفسه ما حنثت.

وقد قرأت بخط الشَّيخ العلامة شيخنا كمال الدِّين بن الزَّمْلَكاني ما كتبه سنة بضع وتسعين تحت اسم «ابن تَيْمِيَّة»: كَانَ إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع أنَّه لا يعرف غير ذلك، وحكم أنَّ أحدًا لا يعرفه مثله. وكان الفقهاء من سائر الطوائف إذا جالسوه استفادوا في مذاهبهم منه أشياء، ولا يعرف أنَّه ناظر أحدًا فانقطع معه، ولا تكلم في علم من العلوم ــ سواء كَانَ من علوم الشرع أوغيرها ــ إلَّا فاق فيه أهله، واجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها.

قال ابن رجب: قلت: وقد عُرض عليه قضاء القضاة ومشيخة الشيوخ فلم يقبل شيئًا من ذلك.

أثنى عليه ابن سيد الناس ثناءً بالغًا حسنًا، وكتب الذَّهَبيّ في «تاريخه الكبير» ترجمة مطولة له، قال فيها: لا يبلغ أحد في العصر رتبته، ولا يقاربه، وهو عجب في استحضاره (٢) واستخراج الحجج منه، وإليه المنتهى في عزوه إلى الكتب السِّتَّة والمسند بحيث يصدق عليه أن يقال: «كل حديث لا يعرفه ابن تَيْمِيَّة فليس بحديث».


(١) ما بين القوسين ليس من كلام الذهبي، وهو هكذا في المطبوعة.
(٢) اختصر المؤلف هنا عبارة الذهبي، والمقصود استحضار الحديث.

<<  <   >  >>