وأعلاهم في انتصار الحق وقيامه همة، وأسخاهم كفًّا وأكملهم اتباعًا لنبيه محمد صلى الله تعالى عليه وسلم. ما رأينا في عصرنا هذا من تُستجلى النبوة المحمدية وسننها من أقواله وأفعاله إلا هذا الرجل، يشهد القلب الصحيح أن هذا هو الاتباع حقيقة اهـ.
ونقل في «الشذرات» عن الشيخ تقي الدِّين ابن دقيق العيد، وقد سئل عن الشيخ ابن تيمية بعد اجتماعه به كيف رأيته؟ قال: رأيت رجلًا سائر العلوم بين عينيه، يأخذ ما شاء منها ويترك ما شاء. فقيل له: فلم لا تتناظران؟ قال: لأنه يحب الكلام وأحب السكوت.
وقال ابن مفلح في «طبقاته»: كتب العلامة تقي الدِّين السبكي إلى الحافظ الذهبي في أمر الشيخ تقي الدِّين ابن تيمية ما نصه: فالمملوك يتحقق قدره وزخارة بحره، وتوسعه في العلوم الشرعية والعقلية، وفرط ذكائه واجتهاده، وأنه بلغ في ذلك كل المبلغ الذي يتجاوزه الوصف، والمملوك يقول ذلك دائمًا. وقدره في نفسي أكبر من ذلك وأجل، مع ما جمعه الله تعالى له من الزهادة والورع، والديانة ونصرة الحق والقيام فيه، لا لغرض سواه، وجريه على سنن السلف، وأخذه من ذلك بالمأخذ الأوفى، وغرابة مثله في هذا الزمان بل من أزمان. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في ترجمته المطنبة: إن الفتنة لما ثارت على الشيخ ابن تيمية من جهة بعض كلماته، تعصب له القاضي الحنفي ونصره. وسكت القاضي الشافعي ولم يكن له ولا عليه. وكان من أعظم القائمين عليه الشيخ نصر بن المنبجي، لأنه كان بلغ ابن تيمية أنه يتعصب لابن عربي، فكتب يعاتبه على ذلك. فما أعجبه، لكونه بالغ في الحط