من (١) ابن عربي وتكفيره؛ فصار هو يحط من ابن تيمية؛ ويغري بيبرس الجاشنكير. وكان بيبرس يفرط في محبته ويعظمه. واتفق أن قاضي الحنفية بدمشق وهو شمس الدِّين ابن الحريري انتصر للشيخ ابن تيمية وكتب في حقه محضرًا بالثناء عليه بالعلم والفهم، وكتب به في خطه ثلاثة عشر سطرًا من جملتها: أنه منذ ثلاث مئة سنة ما رأى الناس مثله اهـ.
قلت: وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتابنا هذا ما حرره الشيخ ابن تيمية للشيخ نصر بن المنبجي، وما يتعلق بالقاضي السبكي عليهم الرحمة.
ونقل الإمام العسقلاني أيضًا عن الحافظ الذهبي أنه قال: حضر عند شيخنا أبو حيان المفسر فقال: ما رأت عيناي مثل هذا الرجل! ثم مدحه بأبيات ذكر أنه نظمها بديهة، وأنشده إياها وهي:
لما أتانا تقيُّ الدِّين لاح لنا ... داعٍ إلى الله فَرْدٌ ما له وَزَرُ
على محياه من سيما الألى صحبوا ... خير البرية نور دونه القمر
حَبْرٌ تسربل منه دهره حِبَرًا ... بحر تقاذفُ من أمواجه الدرر
قام ابن تيمية في نصر شِرعتنا ... مقام سيدِ تَيْم إذ عَصَت مُضَرُ
وأظهر الحق إذ آثاره اندرست ... وأخمد الشر إذ طارت له شرر
يا من يحدث عن علم الكتاب أصخ ... هذا الإمام الذي قد كان ينتظر
يشير بهذا إلى أنه المجدد ــ وقد صرح بذلك أيضًا العماد الواسطي ــ ثم دار بينهما كلام فجرى ذكر سيبويه فأغلظ الشيخ ابن تيمية القول في سيبويه، فنافره أبو حيان بسببه، ثم عاد ذامًّا له، وصير ذلك ذنبًا لا يغفر.