فما أحد إلى الإنصاف يدعو ... وكل في هواه له انخراط
سيظهر قصدكم يا حابسيه ... وننبئكم إذا نصب الصراط
فها هو مات عنكم واسترحتم ... فعاطوا ما أردتم أن تعاطوا
وحُلُّوا واعقِدوا من غير رد ... عليكم وانطوى ذاك البساط
مطلب
فيمن ابتلي وأوذي من العلماء
قلت: وما زال الناس ولا سيما الكبراء والعلماء يُبتلون في الله تعالى ويصبرون. وقد كانت الأنبياء عليهم السلام يقتلون، وأهل الخير في الأمم السالفة يقتلون ويحرقون، وينشر أحدهم بالمنشار وهو ثابت على دينه. ولولا كراهية التطويل لذكرت من ذلك ما يطول.
وقد سُمَّ أبو بكر وقُتل عمر وعثمان وعليّ، وسُمَّ الحسن، وقُتل الحسين وابن الزبير، وصُلب خُبيب بن عدي، وقتل الحجاجُ عبدَالرحمن بن أبي ليلى وسعيدَ بن جبير وغيرهما. وقُتل زيد بن علي.
وأما من ضُرب من كبار العلماء فكثيرون، منهم: عبد الرحمن بن أبي ليلى ــ ضربه الحجاج أربع مئة سوط ثم قتله.
وسعيد بن المسيب ــ ضربه عبد الملك بن مروان مئة سوط، وصبَّ عليه جرة ماء في يوم شاتٍ، وأُلبس جبة صوف.
وخُبيب بن عبد الله بن الزبير، ضربه عمر بن عبد العزيز بأمر الوليد مئة سوط، وذلك أنه حدث عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: إذا بلغ بنوا أبي العاص ثلاثين رجلًا اتخذوا عباد الله خَوَلًا، ومال الله دُوَلًا. فكان