للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله مفتخرا:

ولو برز الزمان إليّ شخصا ... لخضب شعر مفرقه حسامي (١)

وقوله في قبيلة الممدوح:

ولو يممتهم في الحشر تجدو ... لأعطوك الذي صلوا وصاموا (٢)

ومن الغلو المقبول والأداة المقربة إلى الصحة «لولا» قول أبي العلاء المعري يصف سيف ممدوحه:

يذيب الرعب منه كلّ عضب ... فلولا الغمد يمسكه لسالا (٣)

فالمعنى هنا أولا: أن سيفك أيها الممدوح تهابه السيوف وتصاب بالرعب والفزع منه كما يهابك الرجال ويصابون بالرعب والفزع منك، وأشد ما يجوز على السيف أن يسيل حديده ولولا الغمد يمسكه لظهر سيلانه.

فذوبان كل سيف إلى حد السيلان في غمده بباعث الرعب من سيف الممدوح أمر ممتنع عقلا وعادة. ولكن تدخّل «لولا» التي أفادت امتناع سيلان هذا السيف الذائب لوجود غمده الذي يمسكه عن السيلان قد جعلت هذا الغلو

المفرط في المعنى مقبولا.

...


(١) المفرق: وسط الرأس، والحسام: السيف القاطع. يقول: إن الزمان الذي هو محل النكبات والنوائب لو كان شخصا ثم برز إلي محاربا لخضب شعر رأسه سيفي.
(٢) يممتهم: قصدتهم، وتجدو: تطلب جدواهم وعطاءهم. يقول: إن أبناء قبيلة الممدوح لجودهم وكرمهم لا يردون سائلا حتى لو قصدهم سائل يوم القيامة لأعطوه صلاتهم وصيامهم.
(٣) العضب: السيف.

<<  <   >  >>