للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قف العيس في أطلال مية واسأل ... رسوما كأخلاق الرداء المسلسل

أظن الذي يجدي عليك سؤالها ... دموعا كتبديد الجمان المفصل (١)

ففي البيت الأول تمم الشاعر كلامه بقوله «كأخلاق الرداء» ثم احتاج إلى القافية، فقال «المسلسل» فزاد شيئا على المعنى.

وفي البيت الثاني تمّ كلامه بقوله «كتبديد الجمان» ثم احتاج إلى القافية فأتى بما يفيد معنى زائدا وهو «المفصل» (٢).

ويقال: إن امرأ القيس أول من ابتكر هذا المعنى، أي الإيغال، وذلك بقوله يصف الفرس:

إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه ... تقول هزيز الريح مرت بأثأب (٣)

فالمعنى هنا أن الفرس إذا أجرى شوطين وابتلّ جانبه من العرق سمعت له صوتا وخفقا كخفق الريح إذا مرّت بشجر الأثأب. فالشاعر بالغ في وصف الفرس وجعله على هذه الصفة بعد أن يجري شوطين ويبتل عطفه بالعرق، وقد تم المعنى بقوله «مرت» ثم زاد إيغالا في صفته بذكر الأثأب الذي يكون للريح في أضعاف أغصانه

حفيف عظيم وشدة صوت.

وعلى هذا فإذا كانت لفظة «أثأب» قد استدعتها القافية ليكون الكلام شعرا، فإنها في الوقت ذاته أفادت معنى زائدا، وهو المبالغة في شدة


(١) أخلاق: جمع خلق بفتح الخاء واللام: الثوب البالي، المسلسل: المهلهل دموعا كتبديد الجمان المفصل: أي دموعا تتبدد وتتناثر كتبديد وتناثر عقد الفضة المفصل، أي الذي يجعل فيه خرزة بين كل حبتين من الجمان أي الفضة.
(٢) كتاب العمدة ج ٢ ص ٥٤.
(٣) الأثأب: شجر كالائل يشتد صوت الريح وهزيزه فيه، والعطف بكسر العين: الجانب.

<<  <   >  >>