حفيف الفرس بتشبيهه بهزيز الريح المنبعث من اصطدامها بأغصان هذا الشجر عند مرورها من خلاله.
ومن الإيغال قول امرئ القيس أيضا:
كأن عيون الوحش حول خبائنا ... وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب
فهنا شبه الشاعر عيون الوحش لما فيهن من السواد والبياض بالجزع، وهو الخرز الأسود المشوب بالبياض، ولما كانت عيون الوحش لا ثقوب فيها كانت أشبه بالخرز الذي لم يثقب. فمعنى التشبيه تمّ بقوله «الجزع» وقوله «الذي لم يثقب» إيغال في التشبيه زوّد البيت بالقافية وأفاد معنى زائدا هو تأكيده التشبيه، لأن عيون الوحش غير مثقبة. ولا يخفى ما في هذه الزيادة من حسن.
ومن الإيغال في التشبيه كذلك قول زهير:
كأن فتات العهن في كل منزل ... نزلن به حبّ الفنا لم يحطم (١)
والمعنى الذي عبر عنه زهير انتهى عند قوله «حب الفنا» وزيادة المعنى في قوله «لم يحطم». فزهير شبه ما تفتت وتساقط من العهن أو الصوف الملون بحب الفنا الأحمر، ولما قال بعد تمام بيته «لم يحطم» أراد أن يكون حب الفنا صحيحا لأنه إذا كسر ظهر له لون غير الحمرة. فهذا البيت شبيه ببيت امرئ القيس السابق من حيث أن الإيغال فيه زوّد البيت بالقافية، وأفاد معنى زائدا في المشبه به.
ومن الإيغال البليغ باتفاق البديعيين قول الخنساء في أخيها صخر:
(١) العهن بكسر العين وسكون الهاء: الصوف المصبوغ أي لون كان، وفتات العهن: ما تساقط من الصوف المصبوغ ألوانا، والفنا: شجر ثمره حب أحمر، وقال الفراء: هو عنب الثعلب.