يتعداه- غير مسبوق في هذا الباب- إلى بحث صناعة الكتابة أو النثر بصفة عامة، فليس الأدب شعرا فحسب، وإنما هو شعر ونثر معا.
وأبو هلال هذا هو الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري، نسبة إلى مدينة «عسكر مكرم» من كور الأهواز بين البصرة وفارس. وكان من أبنائها علماء أعلام خدموا الثقافة العربية وأضافوا إليها ما لديهم من معرفة.
ومن هؤلاء العلماء أبو أحمد العسكري (١) المحدث (٢٩٣ - ٣٨٢ هـ) وأبو هلال العسكري الأديب، صاحب كتاب «الصناعتين»، والأول خال الثاني وأستاذه.
وقد غلب الأدب والشعر على أبي هلال العسكري إنتاجا وتأليفا، وكتبه المنشورة بين الناس تدل على تمكنه من علوم العربية أو علوم الأدب الثمانية، وأعني بها: اللغة، والنحو، والصرف، والعروض، والقوافي، وصنعة الشعر، وأخبار العرب، وأنسابهم.
وهذه العلوم عند الأقدمين لم تكن تعني «الأدب» وإنما تعني أنها لازمة لثقافة الأديب، ولحاجة الأديب إليها في تكوينه عدوها من الأدب ..
ولا ريب في أنه بمقدار جهل الأديب بأي من هذه العلوم يكون نقصه في الأدوات التي تؤهله بتمكن لممارسة الأدب في أية صورة من صوره.
ومؤلفات أبي هلال العسكري لا تدل على تبحره في علوم العربية، فحسب، وإنما تدل أيضا على غزارة إنتاجه وتنوعه، فقد خلف لنا عشرين
(١) انظر ترجمة أبي أحمد وأبي هلال في معجم الأدباء لياقوت ج ٨ ص ٢٢٣ - ٢٦٧.