كتابا عالج فيها، كما يفهم من أسمائها، موضوعات شتى في اللغة والأدب والبلاغة والنقد والتفسير، وكلها تنم عن نوع ثقافته وثقافة العصر الذي عاش فيه.
على أن ما انتهى إلينا من إنتاجه لم يزد حتى الآن على ثلاثة كتب هي:«كتاب الصناعتين- الكتابة والشعر»، وكتاب «ديوان المعاني» من جزأين، وكتاب لغوي اسمه «المعجم في بقية الأشياء»، أما بقية كتبه فلا يزال الموجود منها مخطوطات في مكتبات العالم، تنتظر من يتوفر على تحقيقها ونشرها.
أبو هلال العسكري إذن كان في عصره إماما في العلم والأدب، إماما وعى كثيرا من معارف سابقيه وأضاف إليها، وأثر بها فيمن جاء بعده. ولئن كانت أجيال كثيرة تتلمذت عليه في حياته، فإن أجيالا أكثر وأكثر ظلت على توالي العصور وإلى اليوم تتلمذ من بعده على آثاره العلمية التي تميزت بالأصالة.
ولكن لعل من العجيب المؤلم حقا أن مثله لم يكن بليغا في حياته الخاصة بمقدار ما كان بليغا في حياته العلمية. فهو على ما كان له من قدم راسخة في العلم وولاء له، واشتغال دائم به، قد قضى حياته مغمورا خامل الذكر مضيقا عليه في الرزق، يلتمسه من احتراف البزازة وبيع الثياب في الأسواق!.
مفارقة عجيبة إذن بين ما كان عليه من غنى علمي وفقر مادي، وقد دفعه تناقض الأحوال هذا إلى السخط، السخط على نفسه، وعلى الدنيا التي تختل فيها موازين العدل بين الناس. ومن ثم لا يجد أمامه ما يفزع إليه غير الشعر يبث إليه ذات نفسه، ويفضي إليه بهمومه، ويعبر فيه عن سخطه، فيقول: