فالضرب الأول من تأكيد المدح بما يشبه الذم هو، كما عرفنا، أن يستثنى من صفة ذم منفية عن الشيء صفة مدح بتقدير دخولها في صفة الذم. ومن أمثلة ذلك:
١ - قول أبي هفّان الشاعر:
ولا عيب فينا غير أن سماحنا ... أضرّ بنا، والبأس من كل جانب
فأفنى الردى أرواحنا غير ظالم ... وأفنى الندى أموالنا غير عائب
فقوله إن السماح والبأس أضرّا بهم ليس بعيب على الحقيقة، ولكنه توكيد مدح. ومما زاد المعنى ملاحة ولطف
موقع ما تضمنه من احتراس بديع في قوله «غير ظالم وغير عائب».
٢ - وقول ابن الرومي:
ليس له عيب سوى أنه ... لا تقع العين على شبهه
فجعل انفراده في الدنيا بالحسن دون أن يكون له قرين يؤنسه عيبا، فهو بذلك يزيد توكيد حسنه.
٣ - وقول حاتم الطائي:
وما تشتكي جارتي غير أنني ... إذا غاب عنها بعلها لا أزورها
سيبلغها خيري ويرجع أهلها ... إليها ولم تقصر عليّ ستورها
٤ - وقول أبي هلال العسكري:
ولا عيب فيه غير أن ذوي الندى ... خساس إذا قيسوا به ولئام
٥ - وقول شاعر:
ولا عيب فيكم غير أن ضيوفكم ... تعاب بنسيان الأحبة والوطن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute