«البديع»، وقال عنه:«هو مذهب سماه عمرو الجاحظ المذهب الكلامي.
وهذا باب ما أعلم أني وجدت في القرآن منه شيئا، وهو ينسب إلى التكلف، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا» (١).
ولكن ابن المعتز لم يذكر مفهوم الجاحظ لهذا الفن البديعي كما أنه لم يحاول هو تحديده، وكل ما فعله أنه ذكر بعض أمثلة له، منها قول الفرزدق:
لكل امرئ نفسان: نفس كريمة ... وأخرى يعاصيها الفتى ويطيعها
ونفسك من نفسيك تشفع للندى ... إذا قل من أحرار هنّ شفيعها
ومنها قول أبي نواس:
إن هذا يرى- ولا رأي للأح ... مق- أني أعده إنسانا
ذاك في الظن عنده وهو عندي ... كالذي لم يكن وإن كان كانا
وقول إبراهيم بن المهدي يعتذر للمأمون من وثوبه على الخلاقة:
البرّ منك وطاء العذر عندك لي ... فيما فعلت فلم تعذل ولم تلم
وقام علمك بي فاحتج عندك لي ... مقام شاهد عدل غير متهم
وإذا تأملنا كل مثال من هذه الأمثلة وجدنا أن الشاعر يدعي دعوى ثم يحاول التماس دليل مقنع عليها. تماما كما يفعل المتكلمون بإيراد الحجج العقلية على دعاواهم.
وعلى هذا فأغلب الظن أن مفهوم المذهب الكلامي عند الجاحظ وابن المعتز كما توحي به الأمثلة السابقة هو: اصطناع مذهب المتكلمين العقلي في الجدل والاستدلال وإيراد الحجج والتماس العلل، وذلك بأن