للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يأتي البليغ على صحة دعواه بحجة قاطعة أيا كان نوعها.

ولعل مما يؤكد ذلك قول الجاحظ في معرض المعرفة والاستدلال:

«ولولا استعمال المعرفة لما كان للمعرفة معنى، كما أنه لولا الاستدلال لما كان لوضع الدلالة معنى ..... وللعقل في خلال ذلك مجال، وللرأي تقلب، وتنشر للخواطر أسباب، ويتهيأ لصواب الرأي أبواب» (١).

...

وقد عرض البلاغيون بعد ابن المعتز للمذهب الكلامي وعدوه من فنون البديع، ومن هؤلاء أبو هلال العسكري وابن رشيق القيرواني.

وكلام هذين الأديبين لم يزد في جملته على ما قاله ابن المعتز نقلا عن الجاحظ، ولكن أبا هلال يعلق بملاحظة ذكية على قول ابن المعتز، فيقول في مستهل كلامه عن المذهب الكلامي: «جعله عبد الله بن المعتز الباب الخامس من البديع، وقال: ما أعلم أني وجدت منه شيئا في القرآن وهو ينسب إلى التكلف، فنسبه إلى التكلف وجعله من البديع» (٢)!.

كما أن ابن رشيق يقرر أنه «مذهب كلاميّ فلسفيّ» (٣) كما جاء في تعقيبه على بيتين من شعر أبي نواس.

...

وإذا ما انتهينا إلى العصور المتأخرة فإننا نجد الخطيب القزويني «٧٣٩ هـ» يعرف المذهب الكلامي بقوله: «هو إيراد حجة للمطلوب على طريقة أهل الكلام، نحو: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا (٤).


(١) كتاب الحيوان ج ٢ ص ١١٥ - ١١٦.
(٢) كتاب الصناعتين ص ٤١٠.
(٣) كتاب العمدة ج ٢ ص ٧٦.
(٤) كتاب التلخيص للقزويني ص ٣٧٤.

<<  <   >  >>