للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيقول: أنت أحسنت إلى قوم أراك اصطفيتهم فمدحوك، وأنا أحسن إليّ قوم فمدحتهم، فكما أن مدح أولئك لك لا يعد ذنبا، فكذلك مدحي لمن أحسن إليّ لا يعد ذنبا.

ففي المذهب الكلامي قضايا ودعاوى يدافع عنها بالمنطق والجدل، والحجج والأدلة المقنعة، كما رأينا.

...

وممن جاءوا بعد القزويني وعرضوا للمذهب الكلامي ابن حجة الحموي أحد علماء وأدباء القرن التاسع الهجري.

ففي مستهل حديثه عنه يقول: «المذهب الكلامي نوع كبير نسبت تسميته إلى الجاحظ. وهو في الاصطلاح أن يأتي البليغ على صحة دعواه وإبطال دعوى خصمه بحجة قاطعة عقلية تصح نسبتها إلى علم الكلام، إذ علم الكلام عبارة عن إثبات أصول الدين بالبراهين العقلية القاطعة».

ثم يستطرد إلى الرد على قول ابن المعتز بأنه لا يعلم ذلك في القرآن، يعني المذهب الكلامي، فيقول ابن حجة: «وليس عدم علمه مانعا علم غيره، إذ لم يستشهد على هذا المذهب الكلامي بأعظم من شواهد القرآن، وأصح الأدلة في شواهد هذا النوع وأبلغها قوله تعالى:

لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا، هذا دليل قاطع على وحدانيته جل جلاله، وتمام الدليل أن تقول: لكنهما لم تفسدا، فليس فيهما آلهة غير الله».

ومن أدلته أيضا عنده قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا»، وتمام الدليل أن يقال: لكنكم ضحكتم كثيرا وبكيتم قليلا فلم تعلموا ما أعلم. فهذان قياسان شرطيان من كلام الله وكلام نبيه.

<<  <   >  >>