للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ترتيب اللف. ومن هذا الضرب ما يكون معكوس الترتيب، كقول ابن حيوس:

كيف أسلو وأنت حقف وغصن ... وغزال لحظا وقدا وردفا (١)

فاللحظ للغزال، والقد للغصن، والردف للحقف.

وكقول الفرزدق:

لقد خنت قوما لو لجأت إليهمو ... طريد دم أو حاملا ثقل مغرم

لألفيت فيهم معطيا ومطاعنا ... وراءك شزرا بالوشيج المقوّم (٢)

ومنه ما يكون مختلطا مشوشا، ولهذا يسمى اللف والنشر المشوش، نحو: «هو ليل وورد ومسك خدا وأنفاسا وشعرا».

...

والقسم الثاني من اللف والنشر ما يكون ذكر المتعدد فيه على الإجمال، نحو قوله تعالى: وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى. فإن الضمير في قالُوا لأهل الكتاب من اليهود والنصارى، فذكر الفريقان على وجه الإجمال بالضمير العائد إليهما، ثم ذكر ما لكل منهما، أي: قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا، وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى.

فلف بين القولين إجمالا ثقة بقدرة السامع على أن يرد إلى كل فريق قوله، وأمنا من الالتباس، وذلك لعلمه بالتعادي بين الفريقين وتضليل كل واحد منهما لصاحبه بدعوى أن داخل الجنة هو لا صاحبه. وهذا


(١) الحقف بكسر الحاء: الرمل العظيم المستدير يشبه به الكفل في العظم والاستدارة.
(٢) الوشيج: شجر الرماح، وقيل: هي عامة الرماح واحدتها وشيجة، وقيل: هو من القنا أصلبه.

<<  <   >  >>