بعد غروبها بساعات» فلفظة من في «من الناس» تفيد معنى التبعيض، أي بعض الناس، ولفظة من في «من شروق الشمس» تفيد معنى الابتداء أي ابتداء من شروق الشمس، فبين الحرفين كما ترى جناس لتماثلهما لفظا واختلافهما معنى.
...
٢ - الجناس المستوفى: هو ما كان ركناه، أي لفظاه، من نوعين مختلفين من أنواع الكلمة، بأن يكون أحدهما اسما والآخر فعلا، أو بأن يكون أحدهما حرفا والآخر اسما أو فعلا.
فمن أمثلة الجناس المستوفى بين الاسم والفعل قول محمد بن كناسة في رثاء ابن له:
وسميته يحيى ليحيا ولم يكن ... إلى رد أمر الله فيه سبيل
تيممت فيه الفأل حين رزقته ... ولم أدر أن الفأل فيه يفيل (١)
فالجناس هنا بين «يحيى» الاسم و «ويحيا» الفعل، وهما متشابهان لفظا مختلفان معنى ونوعا.
ومن أمثلته وفي نفس اللفظين السابقين قول أبي تمام:
ما مات من كرم الزمان فإنه ... يحيا لدى يحيى بن عبد الله
ومنه قول الشاعر:
إذا رماك الدهر في معشر ... وأجمع الناس على بغضهم
فدارهم ما دمت في دارهم ... وأرضهم ما دمت في أرضهم
(١) الفأل: ضد الطيرة، وهو لا يكون إلا فيما يستحب، والطيرة لا تكون إلا فيما يسوء، ويفيل، يخطئ.