فدارهم الأولى فعل أمر من المداراة، ودارهم الثانية اسم للبيت، وأرضهم الأولى فعل أمر من الإرضاء، وأرضهم الثانية هي الأرض اسم.
ومنه قول أبي العلاء المعري:
لو زارنا طيف ذات الخال أحيانا ... ونحن في حفر الأجداث أحيانا
فأحيانا الأولى اسم بمعنى من وقت لآخر، وأحيانا الثانية فعل مضارع بمعنى بعث فينا الحياة من جديد، ففي اللفظين الجناس المستوفى لتشابههما لفظا واختلافهما نوعا ومعنى.
ومن بديع الجناس بين الاسم والفعل ما كتب به إلى الخليفة المأمون في حق عامل له وهو:«فلان ما ترك فضة إلا
فضها، ولا ذهبا إلا أذهبه، ولا مالا إلا مال عليه، ولا فرسا إلا افترسه، ولا دارا إلا أدارها ملكا، ولا غلّة إلا غلّها، ولا ضيعة إلا ضيّعها، ولا عقارا إلا عقره، ولا حالا إلا أحاله، ولا جليلا إلا أجلاه، ولا دقيقا إلا دقه».
ومن الجناس المستوفى بين الفعل والحرف قول الشاعر:
علا نجمه في عالم الشعر فجأة ... على أنه ما زال في الشعر شاديا
فالجناس هنا بين «علا» الأولى وهي فعل بمعنى ارتفع و «على» الثانية التي هي حرف جر.
ومنه قول شاعر آخر:
ولو أن وصلا عللوه بقربه ... لما أنّ من حمل الصبابة والجوى
فالجناس هنا بين «أن» الأولى وهي حرف توكيد ونصب و «أن» الثانية فعل ماض من الأنين.