للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقول الخنساء وهو من أرق ما سمع في هذا الباب:

إن البكاء هو الشفا ... ء من الجوى بين الجوانح

ومما تجدر ملاحظته هنا أن بين المطرف والمذيل التقاء من وجه وافتراقا من وجه، فهما يلتقيان في أن كليهما زيادة في طرف أحد ركني الجناس، ويفترقان في أن زيادة المطرّف حرف واحد، أما المذيل فتكون الزيادة فيه بأكثر من حرف.

...

ج- وإن اختلف اللفظان في هيئة الحروف الحاصلة من الحركات والسكنات والنقط، فإن الجناس يأتي فيه على ضربين: محرّف، ومصحف.

١ - فالجناس المحرّف: هو ما اتفق ركناه، أي لفظاه في عدد الحروف وترتيبها، واختلفا في الحركات فقط سواء كانا من اسمين أو فعلين أو من اسم وفعل أو من غير ذلك، فإن القصد اختلاف الحركات.

ومن أمثلته في القرآن الكريم قوله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ. ولا يقال هنا إن اللفظين متحدان في المعنى لأنهما من «الإنذار» فلا يكون بينهما جناس، فاختلاف المعنى ظاهر، إذ المراد باللفظ الأول مُنْذِرِينَ الفاعلون وهم الرسل، وبالثاني الْمُنْذَرِينَ المفعولون، وهم الذين وقع عليهم الإنذار.

ومنه قول الرسول صلوات الله عليه: «اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي». ومنه قولهم: «جبة البرد جنة البرد» (١) وكذلك قولهم:

«الجاهل إما مفرط أو مفرّط» الأول اسم فاعل من الإفراط وهو تجاوز


(١) وقع الاختلاف بين البرد والبرد، لأن الباء في الأول مضمومة ويراد بها الثوب وفي الثاني مفتوحة وهو ضد الحر. والجنة بضم الجيم: الوقاية.

<<  <   >  >>