هذا التلميح فيه إشارة إلى قصة يوسف عليه السّلام حين جعل الصاع في رحل أخيه، وإخوته لم يشعروا بذلك.
كذلك ذكر الرازي غير ما مرّ من الوجوه البديعية: إرسال المثلين، أي الجمع بينهما في بيت شعر، واللف والنشر، والتعديد، والموجّه، أو التوجيه وهو أن يمدح الشاعر ممدوحه بصفة حميدة ثم يقرن بها صفة من جنسها تفيد معنى ثانيا، أو بعبارة أخرى أن يحتمل الكلام وجهين من المعنى احتمالا مطلقا من غير تقييد بمدح أو غيره. وذلك كقول الشاعر في الحسن بن سهل عند ما زوج ابنته بوران الخليفة:
بارك الله في الحسن ... ولبوران في الختن (١)
يا إمام الهدى ظفر ... ت ولكن ببنت من؟
ويلي ذلك من ألوان البديع التي ذكرها الرازي:
تجاهل العارف، والسؤال والجواب في بيت واحد، والإغراق في الصفة أو المبالغة، والجمع، والتفريق، والتقسيم، منفردة ومجتمعة، واستشهد لهذا الوجه بأبيات للوطواط ساقها في كلامه، ثم التعجب، وذكر فيه ما تمثل به الوطواط من قول بعض الشعراء:
أيا شمعا يضيء بلا انطفاء ... ويا بدرا يلوح بلا محاق
فأنت البدر، ما معنى انتقاصي؟ ... وأنت الشمع، ما سبب احتراقي؟
وأخيرا يذكر حسن التعليل مع نفس المثال الذي تمثل به الوطواط.
وإجمالا ذكر الرازي في مقدمة كتابه «نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز» أنه يحاول فيه اختصار كتابي عبد القاهر «دلائل الإعجاز» و «أسرار
(١) الختن: كل من كان من قبل المرأة كالأب والأخ، وقيل: أب المرأة.