للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالانعكاس، كقوله: «لذ بكل مؤمل إذا لّم وملك بذل».

وقوله:

أسل جناب غاشم ... مشاغب إن جلسا

وفي رسالة ثالثة يبنيها على صورة تجعلها تقرأ من أولها بوجه، ومن آخرها بوجه آخر، كقوله: «الإنسان صنيعة الإحسان، وكسب الشكر استثمار السعادة، وفصاحة المنطق سحر الألباب، وزينة الرعاة مقت السعاة، وتناسي الحقوق ينشئ العقوق».

وفي رسالة رابعة ينشئها على أساس حرف غير منقوط، وآخر منقوط كقوله:

سيّد قلّب سبوق مبرّ ... فطن مغرب عزوف عيوف

مخلف متلف أغرّ فريد ... نابه فاضل زكيّ أنوف

ويعلق ضياء الدين بن الأثير على مثل هذه الحيل البديعية بقوله:

«كل هذا وإن تضمن مشقة من الصناعة فإنه خارج عن باب الفصاحة والبلاغة، لأن الفصاحة هي ظهور الألفاظ مع حسنها، وكذلك البلاغة، فإنها الانتهاء في محاسن الألفاظ والمعاني ... وهذا الكلام المصوغ بما أتى به الحريري في رسائله لا يتضمن فصاحة ولا بلاغة، وإنما يأتي ومعانيه غثة باردة .... وعلم البيان إنما هو الفصاحة والبلاغة في الألفاظ والمعاني، فإذا خرج عنه شيء من هذه الأوضاع المشار إليها لا يكون معدودا منه ولا داخلا في بابه. ولو كان ذلك مما يوصف بحسن في ألفاظه ومعانيه لورد في كتاب الله عز وجل الذي هو معدن

الفصاحة والبلاغة، أو ورد في كلام العرب الفصحاء، ولم نره في شيء من أشعارهم وخطبهم» (١).


(١) المثل السائر ص: ٣٠٨.

<<  <   >  >>