محل النص، بحكم الدليل الذي دل على أصل القياس، وكان هذا كما لو قال: لا تبيعوا التمر بالتمر لأنه حلو؛ فيعتر الزبيب به بجامع الحلاوة، بعد أن عرف الشرع كونه علة وإن لم تعرف مناسبته ووجه اقتضاء تحريمه من طريق المصالح. وإذا قال: لا تبيعوا البر بالبر لأنه أيض؛ قيس عليه الأرز وإن لم تعرف مناسبته. ولم نلتفت إلى قول القائل: أن البياض علة في البر لا في غيره، والحلاوة علة في التمر لا في غيره.
والسبب في ذلك كله- وهو طريق الرد على منكري القياس-: قضاء العقول باتباع الأسباب، والأعراض عن المحال. فلا فرق في [٢٥ - ب] عقل حملة الشريعة- بين أن يقول الشارع: اقتلوا ما عزا لأنه زان؛ وبين أن يقول: اقتلوه لأنه طويل- في أنا نطرد إيجاب القتل في حق جميع الزناة وجميل الطوال، وان انتفت المناسبة؛ لأن المناسبة طريق يعرف بها كون الوصف منصوبا من جهة الشرع علما على الحكم وعلة له؛ وهي دون النص والإجماع، فإذا ظهر بالنص أو الإجماع: أغنىعلى إظهار المناسبة.
ورجع حاصل هذا المسلك إلى أن الوصف إنما يصير علة: إذا علم أن الشارع جعله علة؛ وإنما يعرف جعل الشارع إياه علة: بنصه،