تلك المسئلة، وليس ذلك الآن من غرضنا. ولعلنا نضيف إلى هذا الكتاب كتاباً في بيان التخصيص والتأويل، ونأتي فيه بمزيد تفصيل نشفي فيه الغليل. فإن النظر في هذا الفن متعلق بذلك القصد، ومنحرف عن [غرض] القياس؛ وهو الذي ترشحنا لبيانه الآن، وابتدأنا بالكتاب له؛ فلا ننجر إلى ما يخرج بنا عن الغرض الخاص أكثر من ذلك. فنرجع الآن إلى الغرض الذي كنا فيه، وهو: بيان طرق الإيماء وكشف الخالات المتطرقة إليها بالتنبيهات.
خيال وتنبيه في أصل الإيماء إلى العلة:
فإن قال قائل: قال الله تعالى: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم} الآية، وقد ذكرتم أن ترتيب الحكم على الفعل بفاء التعقيب، مشعر بالتسبيب، وهذه الآية تدل على كون الصلاة سبباً لوجوب الوضوء؛ والإجماع منعقد على أن الوضوء يجب بالحدث، وإن القائم إلى الصلاة -إذا كان متوضئًا غير محدث -لا وضوء عليه؛ وهو إخراج للصلاة عن كونها سبباً؛ وقد ذكرتم: أن أصل الايماء في [مثل] ذلك صريح في أصل التعليل، وإن احتمل الإحالة إلى معنى يتضمنه السبب، وليس هذا إحالة إلى معنى [معنى يتضمنه] المذكور، بل هو قطع له عن سببه بالكلية؟
فالجواب أن الوضوء إنما يجب للصلاة؛ ولذلك لا يجب على