مثال [ذلك]: فإن قال قائل: ما قولكم في المفقود زوجها إذا طالت غيبة الزوج عنها وانقطعت الأخبار، واندرست الآثار، وبقيت المرأة محبوسة في حبالة النكاح، مع الفقر والإضاقة وانحسام طريق النفقة، ولا تعرف من زوجها موتاً ولا حياة، ولا تسمع من حديثه همساً؛ فهل تسلط [المرأة] على النكاح: تقديراً للموت في حق زوجها، ورعاية لمصلحتها وتخليصاً لها من هذه الضرورة التي لا منتهى لها إلى منقرض أجلها؟
قلنا: اختلف العلماء [في هذه المسألة] فالذي رآه عمر -رضى الله عنه- أنها تنكح إذا طالت المدة، واندرست الأخبار، وظهرت آثار الوفاة. وإليه ذهب الشافعي في القديم.
ونص -في الجديد- على أن لا طريق إلا الاصطبار والانتظار: إلى أن يتحقق الحال بظهور نبئه، أو بإنقضاء مدة يقطع فيها بتصرم عمر الزوج. وليس هذا من الشافعي امتناعاً عن اتباع المصالح، وإنما هو رأى رآه في عين هذه المصلحة: من حيث أن في تسليطها على التزويج خطراً عظيماً؛ ولا ندارس الأخبار أسباب سوى الوفاة: من تنائي المزار، وتباعد الأقطار، وانقطاع الرفاق؛ لا سيما إذا كان الرجل خامل الذكر، ونازل