قلنا: تهجين قضايا الأدلة -بسبب قبول بعض المبتدعة لها، واعتقاده إياها- من دأب ذوي الخور والجبن. فلقد عرفنا بالدليل حدوث العالم وافتقاره إلى محدث، وصدق الرسول وتأييده بالمعجزة. وهو -أيضًا- مذهب المعتزلة والروافض والكرامية. ولا سبيل إلى اجتناب الحق: ترفعا من خسة الشركاء.
فنقول: المباح يطلق ويراد به: انتفاء الحرج عن فعله وتركه. وهذا ليس من [حكم] الشرع: فإن انتفاء الحرج عن الفعل والترك جار قبل الشرع، وجار في فعل البهائم. وقد تطلق الإباحة ويراد بها: تخيير الشرع بين الفعل والترك بخطابه. فإن ورد خطاب التخيير، فه من [أحكام الشرع]: إذ حكم الشرع خطابه. وإن لم يرد فلا يقال: إنه [من] حكم الشرع ولم يرد الخطاب. فإن مس الجدار -مثلاً- يستوي فعله وتركه في شهر رمضان: في إيجاب الكفارة. ونحن نحكم بأنه لا يوجب الكفارة: لا بورود خطاب فيه. أو دلالة خطاب عليه؛ ولكن: لأنه لم يرد دليل على إيجابه، فلم يكن هذا من أحكام الشرع، على التأويل الذي ذكرناه.