مثال القسم الأول- وهو المعلوم بالورود على الواقعة- ما روى أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هلكت وأهلكت، واقعت أهلي في نهار رمضان، فقال:«أعتق رقبة». ففهم من مورد الشرع أمران، أحدهما: وجوب الكفارة على الأعرابي. والثاني: تعليقه بما صدر منه، وجعل الفعل الصادر منه موجبا.
ولم يكن هذا كورود الشرع بتحريم الخمر، وجريان الربا في البر، فإنه لا يفهم من مجرد وروده إلا الحكم في المحل المسمى، ولا يفهم تعليق الشرع إياه بمناط [الحكم ومتعلقه]، بل تستثار- بالاستنباط والنظر- علته ومتعلقه.
وفي مثالنا هذا، عرف الحكم على السائل، وعلم وراءه تعلقه بسبب، وهو الصادر منه. ثم الصادر منه مقيد بقيود، وواقع على [٦٠ - ب] أنواع خصوص؛ فالنظر في حذف تلك القيود أو اعتبارها- تداورا على ما عقل من مورد الشرع، وفهم كونه داخلا في الاقتصار والإيجاب- نظر واجب مقول به بالاتفاق. ولا يجوز أن يكون واقعا في رتبة الشبه المختلف فيه، بل لا يجد قياس إلى إنكار هذا الجنس، سبيلا.