فإن قال قائل: رجع حاصل نظركم -في القاعدة السابقة -إلى أن الوصف الذي لا يناسب، يجوز أن يكون علامة على الحكم؛ وزعمتم: أنها علامة متضمنة لوجه المصلحة وملتزمة لها، وإن كان لا يطلع على وجه المصلحة، فما الفرق بين ذلك وبين الوصف الطردي الذي اتفق المحققون على رده، مع الاعتراف بأن كل واحد منهما ينفك عن المناسبة بنفسه وإنما يتوهم اشتماله على مناسبة خفية، وقضية مصلحية: غابت عنا، وما من وصف طردي إلا ويمكن أن تدعي فيه هذه القضية، فكيف يتميز عن الطرد المردود، مع الاستواء في هذه الخاصية؟
قلنا: هذه غمرة عظيمة خاض فيها فريق: فدرات رؤوسهم، وخارت عقولهم، ولم يحصلوا على طائل، فمن طلب ما لم يخلق، تعب ولم يرزق؛ فإنهم التمسوا فرقًا بين الطرد والشبه [بأمر] يرجع إلى تمييز أحدهما عن الآخر، بوصف [في] ذاته، وأنشئ، لا يتميز عن جنسه ومثله، بوصف يرجع إلى ذاته، وها نحن نكشف الغطاء عن هذا السر، ونقول:
الأحكام أنما تظهر -في حقنا -بعلامات منصوبة عليها؛ والعلامات للأحكام تنقسم: إلى الأسامي اللغوية، وإلى الأوصاف الزائدة على الأسامي.
فأما المسميات المعلومة بعلامة الأسامي فهي التي يقتصر فيها