فإن قيل: هذا الجنس الذي ذكرتموه هو الذي عبر عنه عامة الفقهاء: بما في معنى الأصل. فغيرتم العبارة عنه، وبدلتم كسوته بالتلقيب: بتنقيح مناط الحكم.
قلنا: معظم الأغاليظ والاشتباهات، ثارت من الشغف بإطلاق ألفاظ دون الوقوف على مداركها ومآخذها، فلسنا نمنع من إطلاق هذه العبارة بعد فهم هذا المأخذ. وإنما المنكر أن يظن الظان- في هذه المسألة ونظائرها- أن غير الوارد ألحق بالوارد، بمجرد التقارب والتشابه، دون فهم الاستواء في السبب [بعد فهم] السبب، ورجوع الافتراق إلى ما لا تأثير له في السبب. وقد يظن العامة أن ذلك من القرب المحض، وهيهات، فإنا نلحق الأمة بالعبد [في قوله صلى الله عليه وسلم]: «من أعتق شركا له في عبد». ونلحق العبد [بالأمة] في قوله عز وجل: {فإذا أحسن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب}. وقد انعقد الإجماع على إجبار السيد الأمة على النكاح. وليس يمكن إطلاق القول بأن العبد في معناها. فلئن كان [هذا] مأخوذا من القرب، فالقرب لا يختلف باختلاف الأحكام.