مثال آخر: إذا كان للمرأة وليان، فأذنت لهما في تزويجها؛ فزوجها كل واحد منهما من إنسان واستبهم السابق [واللاحق]، مع العلم بجريان العقدين على التعاقب؛ وانحسم طريق الكشف والتذكير، وقع الاعتراف بالاشكال- بقيت هذه المرأة محبوسة بين الزوجين مترددة ولا طريق لأحدهما إليها: فلا سبيل لها إلى النكاح، وقد جرى على القطع عقد صحيح. فالمصلحة داعية إلى فسخ العقد الذي جرى في علم الله تعالى، وتسليطها على النكاح، وتخليصها عن هذه الحالة المزمنة طول العمر.
وقد اختلف فيها قول الشافعي، وهو دليل ميله إلى المصالح ورعايتها؛ إذ هذه المسألة لا نظير لها: فالعسر الحاصل بالنسيان لم ير قط في الشرع معتبرا في فسخ العقد؛ ولكنه- على الجملة- ملائم لجنس تصرفات الشرع؛ فإن الشرع يرى فسخ العقود: إذا تعذر امضاؤها، وامتنع استيفاؤها؛ فإذا وقع اليأس عن الكشف، فلا شك في اقتضاء المصلحة الفسخ؛ وقد جاز الفسخ بالجب والعنة، دفعا للضرار عنها؛ إذ فيه فوات التحصين؛ وذلك جار فيما نحن فيه؛ إلا أن شهادة هذه المسائل ضعيفة: لأن الضرر