فيتلبسون بها مختارين، وينتزعون عنها كذلك، وهم في كلا حالتيهم يعتقدون التحول من دين إلى دين. وكذلك يعتقدون الالتزام باللسان مع القهر تركا للدين؛ ولأجله يمتنع المصرّون المصمّمُون في العقائد عن النطق به. وأما المنافقون، فكان يظهر كفرهم [على النفاق] بالمخايل لا بالتصريح، ولا يجوز بناء الأمر على المخايل. وأما الزنديق، فقد جاهر بالالحاد، ثم حاول ستره بتقيه هي من صلب دينه.
فهذا مجرى النظر، وعلى الأحوال، لا تصلح المسئلة للتمثيل لما نحن فيه - بحال.
مثال آخر: فإن قال قائل: إذا نبغ بين أظهر العوام نابغة من المبتدعة، وكان يدعوهم إلى الضلالات والأهواء الباطلة، والبدع التي لا يكفر بمثلها؛ وكان لا يرعوى بالزجر، ولا يندفع شره إلا بالقتل - فهل ترون حسم مادة فساده بقتله، اتباعًا للمصلحة؟
قلنا: لا سبيل إلى قتله بحال؛ فإنه لم يجر موجب للقتل، ولا مصلحة تقتضيه، وقد شرع الشرع - في أمثال هـ الجنايات - التَّعْزِيرات، وفوَّضها إلى آراء الولاة؛ وناطها باستعوابهم؛ وإليهم زمام الأمر في الإقامة مرة والصفح أخرى، ولا ينبني ذلك على التشهي، بل ينبني على ما يلوح لهم: من المصلحة في حال الجاني، فرب إنسان تتفق