له هفوة، وفي إقالته إياها، ما يكفه عن معاودتها، ورب لئيم لا يزيده الصفح والتجاوز إلا تماديا في الغي، وتتابعا في الفساد.
والنظر في كل ذلك يرجع إلى استصلاح الولاة. [و] المختلفون من العلماء في اتباع المصالح، لم يختلفوا في إتباع الولاة للمصالح في أمثال ذلك؛ وقد نيطت بهم نصا وإجماعا، وحُكم في تفصيلها اجتهادهم.
وغرضنا أن نبين: أن ما يجري الكلام فيه - من إثبات الأحكام بالمصالح - ليس من هذا الطريق، ولا داخلا في هذا الجنس، وإنما الوظيفة على الولاة: أن لا يزيدوا في التعزيرات على الحدود، وأن يحطوها عنها؛ وإليهم الرأي في تعيين المقادير دونها.
فلو قال قائل: رب جان لا يرعوى بالتعزير المحطوط عن الحد، فتقتضي المصلحة الزيادة عليه، وقد رأى مالك الزيادة على الحدود في التعزيرات، ولا يستقيم ضبط الأمر إلا بأنواع من السياسة هذا مقادها. وكذلك المبتدع الذي فرضناه؛ ربما لا يرعوى بالتعزير، وإنما طريق تطفية ثائرته: تطهير وجه الأرض عنه.