الوجه الأول: إطلاقه في مقابلة المباشرة، فإذا قوبل بالمباشرة: أريد به الشرط المحض. واستعملوا هذه اللفظة في الضمان، وقالوا: الضمان على المباشر لا على المتسبب. فيراد بالمباشرة: إيجاد العلة، وبالتسبب: إيجاد الشرط. فقالوا: الحافر متسبب، والمردي مباشر؛ من حل قد العبد حتى أبق فهو متسبب؛ والمباشر هو العبد: إذ [الفرار حصل] بالأباق عند حل القيد، لا بحل القيد. وزعموا: أن الإحصان من الرجم، يقع موقع الشرط. فهذا أقرب وجوه الإطلاق إلى وضع اللسان.
الوجه الثاني: تسميتهم علة العلة سببًا، كالرمي، فإنه يقال فيه: إنه سبب الموت، لأن الموت لا يحصل بالرمي، فكان الرمي سببًا من هذا الوجه. ولكن لما حصل بالسراية والجرح -وهي حاصلة بالرمي- كان الرمي علة العلة. [فلهذا كان] موافقًا لوضع اللسان، من أحد الوجهين. فهذا مأخذ الاستعارة، وهو: أن الحكم لم يحصل به إلا بواسطة العلة، كما لا يحصل الوصول بالطريق إلا بواسطة العلة. إلا أن السير ليس حاصلاً بالطريق؛ والعلة ها هنا حاصلة بالسبب. وهذا الجنس