الوجه الثاني: السبر لمدارك الوجوب، وهو أن نقول: المدارك من الكتاب والسنة [والإجماع] والقياس؛ وهي منتفية. ونقول في كفارة الأكل: مأخذ وجوبها الجماع، وليس [هو] في معناه لكذا وكذا. وهذا في الجدال عسير: لأن حاصله يرجع إلى الجهل بقيام الدليل؛ وهو صالح للدفع لا للإلزام؛ فإن المعلل وإن استقصى في السبر، فللخصم أن يقول: الدليل أمر آخر وراء ما قدرت، وأنت لم تعثر عليه؛ والحصر غير ممكن. وإن قال: غلب على ظني بالسبر الذي ذكرته؛ فيقال له: وسبرك -على قدر استطاعتك- عذر في حقك؛ فأما أن يكون دليلاً على انتفاء الدليل، فلا. فإن حاصل كلامك: أني عثرت على هذه المسالك وهي فاسدة؛ فنسلم لك ذلك. فإن قلت: ولم أعثر على غيرها، فهو -أيضًا- مسلم. فإن قلت: ما لم أعثر عليه ينبغي أن لا يكون؛ فمن أين [لك هذا] والناس يختلفون في العثور على المدارك؟ فإن قلت: غلب على ظني -ببحثي- انتفاء مدرك [آخر]؛ فيقال: وما مستند