أحوجنا المعلل إلى دليل، وهو: حدوث الافتراق بحدوثه في الطرد والعكس، ووقوع الافتراق [وكونه] بكونه: في صورة الشبه، فكان الطرد والعكس، [أولى و] أجلى. ونبين هذا بأمثلة:
المثال الأول. قال الشافعي: بيع العذرة أمتنع لنجاستها؟ فعداها إلى السرقين وسائر النجاسات، فإذا طولب بالإثبات: لم يرجع فيه إلى مناسبة، فأنا بينا أنه لا مناسبة فيه، كما تقدم، وإنا الممكن [فيه] تخييل إقناعي تستقل [به] الدلالة، دون العثور عليه. ووجهه أن يقول: كان الطعام قبل أن يتناوله الآدمي جائز البيع، [فالتناول لم يجدد فيه إلا استحالته] إلى النجاسة، فكان هو العلامة، وتتعدى إلى سائر الأرواث. فهذا ظن يظهر أولاً، وتمامه بالسبر. وهو أن الخصم يقول: لا، بل امتنع بيعه: لأنه خرج باستحالته عن كونه منتفعا به، فبطلت ماليته. قلنا: لا، بل هو منتفع به لتسميد الأرض، كما في السرقين بعينه: من غير فرق. فبطل هذا الخيال، وصح الأول. فيقول الخصم: حدث أمر آخر، وهو: الاستحالة، فهو السبب دون النجاسة، فيقال: الاستحالة لا تمنع البيع، كما قاله الخصم في السرقين، وكما قاله العلماء كافة في استحالة الخمر خلا، فإنه لما استحال إلى الطهارة، واستمر الانتفاع- جاز البيع. فيقول الخصم: حدث أمر آخر، وهو: أنه صار جزءا من الآدمي، والآدمي لا يباع، فكذلك أجزاؤه.