للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل: فهل من فرق بين القياس والعلة؟

قلنا: نعم؛ فإن العلة في تصورها لا تستدعي أصلاً وفرعًا، ولكن إذا ذكرت السبب المؤثر في الحكم، فقد ذكرت [علة الحكم].

والعلة [في الأصل]: عبارة عما يتأثر المحل بوجوده، ولذلك سمي المرض: علة.

وهي في اصطلاح الفقهاء على هذا المذاق.

نعم: قد يسمى القياس علة، لأنه يشتمل على علة الحكم، وهي الركن الأعظم من مقصود القياس، كما يسمى القياس: نظراً واجتهاداً ودليلاً واعتلالاً؛ لأنه يستدرك بالنظر والاجتهاد، ويدل على الحكم، ويشتمل على ذكر العلة: فيسمى اعتلالاً.

وتسمية العلة بمجردها قياساً، لا وجه له. وإن تسامح بعض الفقهاء بإطلاقه، فذلك لتقسيمهم المسائل -في عرفهم - إلى الخبرية والقياسية؛ فما لا يتعلق منه بالخبر تسمى قياسية: لأن الغالب في المسائل التي ليس خبرية، فيعنون بكونه قياسا: أنه ليس خبريا.

فإن قيل: فهي من فرق بين الدلالة والعلة؟

قلنا: نعم؛ فكل علة يجوز أن تسمى دلالة، لأنها تدل على الحكم، فالمؤثر أبداً يدل على الأثر. ولا تسمى كل دلالة علة، لأن الدلالة [قد] يعبر بها عن الأمارة التي توجب: فلا تؤثر، فالغيم

<<  <   >  >>