لا ينبغي أن يظن [أن] السبب جنس زائد على [جنس] العلة والشرط. ولكن لما تداولته الألسنة، وأطلقه الفقهاء لمعان مختلفة -أحببنا بيانه.
فالسبب -في وضع اللسان- هو: الحبل والطريق أيضًا؛ ثم عرف أن نزح الماء لا يتأتى دون الحبل، وأنه إذا حصل: حصل بالاستقاء لا بالحبل. والاستقاء -الذي هو علة نزح الماء من البئر- ليس حاصلاً أيضًا بالحبل. وكذلك الوصول أيضًا إلى البلد المقصود: لا يحصل دون الطريق؛ وإذا حصل: كان حاصلاً بالسير لا بالطريق؛ ولا يحصل السير أيضًا بالطريق.
فلما فهم نسبة الحبل والطريق من المقصود، استعير اسم السبب لكل ما يقع من المقصود هذا الموقع. وهو: كل ما لا يحصل المقصود دونه؛ وإذ حصل: حصل بعلة مستقلة لا بذلك السبب.