قلنا: الوزن غير الكيل عند أبي حنيفة، كما ذكرناه، وإنما التقدير عبارة شاملة؛ ولذلك لم يتعد إلى الذرع والعد، وهو نوع تقدير، وأما [مالية ابن الماجشون] فهي أوسع الصفات وأعمها، وأبعدها عن الخاصية المقصودة، وهو مضطر إلى تجويز إسلام النقدين في غيرهما؛ وفيه التفريق في العلة، وعلى لجملة: لا تلغي أخص الصفات -مع صلاحها -بالأعم؛ فهو ليس آخذاً مذهبه من الشبه والعلامة؛ ولعله يأخذ من المنع من اجتاح المال وتفويته من غير منة ومجمدة ومثوبة، وإليه ترجع مقابلة الشيء بمثله؛ ثم يعتذر عن الجيد بالردئ، بما اعتذر أبو حنيفة به: من إسقاطه قيمة الجودة.
فإن قيل: فهلا جمعتم بين هذه العلل؟ قلنا: اعتذر ابن سريج عن هذا: بأن ذلك يخرجنا عن قول العلماء، وسنذكر مستند قول العلماء، فإن التعليل - في مثل هذا المقام - بعلتين، غير جائز إلا أن يجعل الجميع علة؛ كما قال الشافعي في قول: أن العلة هي الطعم مع التقدير؛ وقال مالك: القوت، وفيه الجمع بين الكل.