لا يخلو أما أن يكون علة على حيالها كالنقدية، فيلزم [على مسافة] جواز أسلام البر في الملح، وهو خلاف الإجماع، أو يقال: هو يرجع إلى القوت لاتصاله به بطريق الاستصلاح، وذلك يلزم أن يعدي إلى الحطب والتنور وما يتصل بإصلاح القوت؛ ومهما تعدي إلى ذلك على تبعية القوت، فتعديته إلى الفواكه التي تسد مسد القوت، وإلى الآدام التي تقع تبعًا للقوت: كاللحم وغيره -أولى. وعند ذلك يتداعي إلى القول بالطعم.
وإذا قال: للملح خاصية ليست لغيره، قلنا: أن لم يكون هو القوت فهو علة أخرى، فليجز إسلام الأشياء الثلاثة فيه، كما جاز إسلام النقدين في الأشياء الأربعة [٥٥ - أ] وهو خلاف الإجماع، فلولا الملح لكان ما ذكره مالك أولى وأخص.
وعلى الجملة: تعليل الأشياء الأربعة بعلة واحدة، أولى: فإنه إذا [كثرت الأصول، كان ككثرة الشواهد، فإذا] اشتركت في الطعم، كان الطعم مشهوداً له من جهة الملح أيضاً، فهذا يتبين بطريق الترجيح.
فإن قيل: فليكن تعليل أبي حنيفة بالتقدير للأشياء الستة