للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لو لم يكن فى القرآن التعرض لهذا، واقتصر عى ذكر التحريم على تجرده - لكان تعليله بالإسكار وإزالة العقل: تعليلاً بكلام مناسب. ومعنى مناسبته: استدعاء هذا المعنى من وجة المصلحه هذا الحكم، واقتضاؤه له. فإن العقل ملاك أمور الدين والدنيا. فبقاؤه مقصود، وتفويته مفسده. فحرم لما فيه: من الإفضاء الى الفسده.

وهذا كلام جلى معقول يمكن إثباته على الخصم. فأين هذا من قول أبى زيد: أنه يرجع الى قبول القلب، وطمأنينه النفس؟. ولا نشك في تمييز هذا عن قول القائل: أنه حرم لرائحته الفائحة المخصومه، أو لحمرته، إذ لا تناسب الحمرة التحريم، ولاتستدعيه، ولا تتقاضاه عقلاً. وهذا يتقاضى التحريم لما ذكرناه؛ فتميز عن الطرد بالمناسبه العقليه بين المعنى وبين الحكم.

وتميزه عن المؤثر، بأن يقال: لم يعهد قط في الشرع، في موضع آخر- لا بالنص، ولا بالإجماع- كون الإسكار مؤثراً فى التحريم، حتى يكون التعليل به تعليلاً] بمعنى [عرف تأثيره، ولنقدر عدم انباء النص التعليل بهذه العله، حتى يستدَّ التمثيل، وينقطع عن المؤثر، فإن المستدل بالمناسبه يدعى الإستغناء عن النص وإيمانه ودلالة الإجماع على كونه مؤثراً؛ ويزعم: أن المناسبه كافية في التعريف، على ما سنذكر وجه حصول المعرفه بها.

وكذلك إذا قلنا: إن الجماعة قتلوا بالواحد، كيلا يتخذ الظلمة

<<  <   >  >>