لقيل: وبم تعرف وجه التهمة، ولا سبيل إلى تصديق صاحب الحق فيه [٣٨ - أ]: فإنه في الدعوى متهم أيضا، والأغراض متطرقة إليه؟
فإن قيل:[إن] التهمة تثبت بكونه معروفا بالسرقة، وبما يعرف من حاله في الترداد على الموضع الذي جرت فيه السرقة، قبل ذلك الوقت أو بعده؛ أو ما يجري مجراه: من المخايل.
فنقول: يستحيل الهجوم على عقوبته بالسرقة السابقة: التي عرف بها، وعوقب عليها. ويستحيل أن يعاقب بما يتوهم عليه: من هذه السرقة المدعاة، فليس من ضرورة كل من سرق شيئًا، أنه يسرق أمثاله. وإن كان من ضرورته: فالزجر بالقطع عن السرقة، شرع: كي لا يسرق ثانيا بعد ما قطعت يمينه، ففيه أكمل مقنع في الزجر.
فالهجوم على عقوبته تعرض لحقه الناجز، بالتفويت لأمر هو موهوم.
ويعتضد هذا بأمر، وهو: أنا الجنايات قد كثرت في عهد الصحابة: من السرقة وغيرها؛ ولم ينقل عنهم قط إلا الحكم بالإقرار أو بالحجة أو باليمين. فأما العقوبة بالتهمة، فلم يصر إليه منهم صائر، مع كثرة الوقوع. وذلك يدل على أنهم فهموا - من موارد الشرع ومصادره - أن لله تعالى سرا في تضييق طريق الكشف عن الفواحش،