شخصين على قتل شخص واحد، لم يبح لهما القتل: لتكثير الإبقاء؛ ولو أكره مسلم على قتل ذمى، أو عالم تقى على قتل فاسق غبي -لم يحل له قتله: لمصلحة إحياء النفس وإبقائها؛ لا بطريق التقديم بالفضل، ولا بطريق التقديم بالكثرة؛ لأن المكره على قتله لا جناية من جهته؛ وحقه مرعى من عصمته في نفسه، فلا يجوز تفويته بالمصلحة.
فهذه مصلحة غريبة غير ملائمة لتصرف الشرع؛ فليس في تصرفات الشرع قتل غير الجاني قصداً لمصلحة غيره. فهذا مثال المصلحة الغريبة.
فإن قيل: موت هذا الذي يقتل بالقرعة لابد منه على الأحوال كلها، ولنا في الباقين طريقان؛ أحدهما: التخليص، والثاني: الإهلاك، والإهلاك محظور، والإبقاء مقصود؛ وهو ممكن، أما هذا الواحد، فموته- قتل، أو لم يقتل- لابد منه.
قلنا: ما يتفق -من الموت بالآفات السماوية، لا عن قصد- فجميع الخلق بصدده؛ والأمر في التقديم والتأخير قريب، وأما تجريد القصد إلى الإهلاك، جناية على الروح قصداً لمصلحة الغير- ففيه تفويت مصلحة القتيل بالكلية.