للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل نزيد فنقول: إذا سلم قوله: أنه وجد بوجوده؛ كفاه ذلك، ولم يشترط أن يبين انعدامه بعدمه، بعد الوجود؛ إذ في الوجود بوجوده، بيان الانعدام بعدمه؛ إذ كان قبول الوجود منعدما، وكان انعدامه بانعدام ما وجد بوجوده. فهذا القدر كاف.

ونحن نضرب لذلك ثلاثة أمثلة، ونرتب الدليل على تقرير وجه الأمثلة:

[المثال] الأول، هو أن نقول: العلة في تحريم الخمر: الشدة والإسكار؛ لأنه يوجد بوجودها، إذ كان منعدما: حيث كان عصيرا، فلم يتجدد إلا الشدة فتجدد التحريم ثم صار خلا، فصار حلالا: فانعدم بعدمه.

وهذه زيادة لا حاجة إليها؛ إذ في تجدد التحريم، بتجدد الشدة- ما يدل على أن الشدة هي العلة فنقيس بهذه الرابطة سائر الأنبذة، وعلى الخمر.

المثال الثاني: [هو] أن يقول الحنفي في الصبي العاقل: أن تنعقد بعبارته العقود، لأنه عاقل: فتنعقد العقود بعبارته، كالبالغ.

فقيل [له]: وما الدليل على أن العقل- في حق البالغ- هو المناط لصحة العبارة؟

فيقول: أنه عدم بعدمه، فإنه إذا جن: لم يعدم إلا العقل؛ فإذا

<<  <   >  >>